محمد شركي / وجدة البوابة : وجدة 11 نونبر 2011، من سوء حظ الوطن العربي أن طول فترات فساد أنظمته حولت شرائح عريضة من شعوبه إلى نوع من البشرالذي فتح عينيه على الفساد ، واستنشق هواء الفساد . ولطول تعرضه للفساد تطبع عليه ، ووقر في اعتقاده أن الفساد حالة طبيعية ،لأنه لم يتنفس أبدا هواء الصلاح . وهذا النوع من البشر استلبه الفساد حتى أنساه هويته الحقيقية ، وصار يلهج بالتهليل صباح مساء للأنظمة الفاسدة لأنه لم يألف غيرها . ولهذا يقف هذا النوع من البشر ضد كل ثورة تزلزل أركان الأنظمة الفاسدة ويتهمها ويشكك فيها . وحال هؤلاء يشبه حال بطل حكاية خرافية مفادها أن ضبعا اقتادت ضحية بشرية لتتغذى عليها في كهف ، وأثناء استدراج الضبع للضحية كان المارة من بعيد يحذرونها ، وهي تسير خلف الضبع ، وتمسك بذيلها مستسلمة لاستدراجها ، وعوض أن تستفيق من تأثير رائحة الضبع أخذ ت ترد على المحذرين بقولها : دعوني وضبعي . فالذين ينتصبون اليوم للدفاع عن رموز الأنظمة العربية الفاسدة ، إنما تستدرجهم هذه الأنظمة الضبعية . ومن شدة غبائهم يخيل إليهم أنهم أذكى من الجميع ، وأنهم وحدهم قد تنبهوا إلى حيل حلف الناتو ، وأن الثورات العربية إنما هي نتيجة إجندة ناتو ليس غير. ونسي هؤلاء المغفلين أن الذي فسح المجال للناتو إنما هي الأنظمة العربية الفاسدة التي أفسد زعماؤها الفاسدون البلاد والعباد ، وأذلوا شعوبهم ، وجوعوهم، وأرهبوهم ، وجعلوا أعزتهم أذلة ، واستباحوا الأعراض والأموال ، وأباحوها لأنجالهم الفاسدين المفسدين عن طريق التوريث ، وصرفوا أموال الشعوب على فسادهم بما في ذلك الانحلال الخلقي المفضوح والمصور . فلو أن هؤلاء المفسدين ساسوا شعوبهم بالتي هي أحسن لما ذلت شعوبهم ، ولما جاعت ، ولما ثارت بسبب ذلك . فالناتو وغير الناتو من روس وصينيين لا تعنيهم إلا مصالحهم ، وقد سكتوا جميعا كالشياطين الخرس على ظلم الحكام العرب الفاسدين لشعوبهم ، وتعاملوا معهم ، وأبرموا معهم الصفقات التجارية ، وحصلوا منهم على رشاوى فاحشة كما كان الحال بالنسبة لطاغية ليبيا الهالك . فلما ثارت الشعوب العربية على فساد حكامها اقتضت مصلحة الناتو ، وغير الناتو التظاهر بالوقوف مع هذه الشعوب ، والحقيقة أنه وقوف مع المصالح المكشوفة . فالشعوب العربية ما ثارت ضد أنظمتها الفاسدة إلا من أجل الاستقواء على الناتو وغير الناتو والخلاص من ظلمه . فذرائع ضحايا الضباع واهية لا تستقيم أمام منطق . وعوض أن يستفيق ضحايا الضباع من تأثير روائحها المنتنة ، فإنهم لا زالوا يمسكون بأذيالها ويتبعونها نحو كهوف الهلاك ، ويتجاهلون من يحذرهم من التعاطف البليد والمغفل مع رموز الفساد . الشعوب العربية واعية بفساد أنظمتها ، وفساد الناتو، وغير الناتو ، وما أفسد الأنظمة العربية سوى الناتو ، وغير الناتو من أصحاب المصالح المشبوهة ، وهم ضباع كبرى تستخدم الضباع الصغرى من أجل إذلال الشعوب العربية وإفقارها ، واستغلالها أبشع استغلال . وحتى نطمئن ضحايا الضباع الصغرى نقول لهم لا تخافوا فقد تستعين الشعوب العربية بالضباع الكبرى من أجل القضاء على الضباع الصغرى ، في انتظار أن تتوجه بعد ذلك إلى الضباع الكبرى عندما توجد القيادة الصالحة التي تستأصل الفساد من جذوره ، وتصلح البلاد والعباد . ومن ضحايا الضباع أيضا من يحاول التمكين للذئاب على غرار الذئب الرافضي الإيراني الذي يحاول الارتزاق بالثورات العربية من أجل أن يسوق خبثه العقدي ، ويركبه بركوب ضحايا مغفلين من العرب لخدمة مصالحه الشعوبية التي لا زالت كما كانت تقطر حقدا على العرب منذ زمن بعيد . ولن ينسى الفرس مجوسيتهم أبدا ، ولا حقدهم على العنصر العربي ، وما ابتداعهم للعقيدة الرافضية سوى تمويه على مجوسيتهم المتأصلة فيهم ، والحاقدة على الإسلام السمح الحنيفي. وأخبث طريقة يعتمدها المجوس في إيران ،وأذنابهم في الوطن العربي لضرب الإسلام هي ادعاء الانتساب إليه ، وتحريفه من الداخل بواسطة عقيدة فاسدة هو منها براء ، وهي عقيدة تؤله الأئمة من آل البيت ، وهم منها براء ، وتشتم الصحابة بسبب اعاء باطل لا أساس له في قرآن ولا في سنة ، وتبيح الأعراض عن طريق المتعة ، وتأكل أموال الناس بالباطل عن طريق بدعة الأخماس . ولقد فكر المجوس وقدروا فقتلوا كيف قدروا ،ثم قتلوا كيف قدروا ،فقالوا نحن مسلمون ومحبون لآل البيت كذبا وزورا ونفاقا وعقيدتنا أصح من عقيدة المسلمين السنة ، وهم أشد عداوة لآل البيت وللمسلمين الذين لا يقبلون فساد عقيدتهم . وأخيرا إن الشعوب العربية التي ثارت على الفساد لا تفرق بين فساد أنظمتها ، ولا بين فساد الناتو ، ولا بين فساد روسيا والصين ، ولا بين فساد إيران . والشعوب العربية تدين كل من يقف مع خصومها على اختلاف مصالحهم المكشوفة . وضحايا الضباع سيستمر نعيقهم ولكنه لن يغير من واقع هذه الشعوب شيئا . ولقد تأكد هلاك الأنظمة الضباع في تونس ، ومصر ، وليبيا ، ولا زال ضحايا الضباع يمسكون بذيل ضباع اليمن وسوريا وغيرهما ،ولسان مقالهم وحالهم : اتركونا وضباعنا ، فهنيئا لضحايا الضباع بضباعهم ، ولن يتخلصوا من روائحها الكريهة إلا بعد أن تصير جيفا كما كان حال ضبع ليبيا الهالك هلاكا يناسب شراسته الضبعية . ودور ضباع سوريا واليمن وغيرهما وشيك لأن الثورات العربية عاتية ومدمرة لكل فساد بقدر الله عز وجل ، لا بفعل الناتو أو غير الناتو كما يظن المغفلون
التعاطف مع الأنظمة العربية الفاسدة دليل على تطبع المتعاطفين على الفساد
اترك تعليق